في الأسبوع الأول له كرئيس لأمريكا، اتخذت إدارة بايدن قرار بتجميد مبيعات الأسلحة مؤقتًا إلى المملكة العربية السعودية ومراجعة صفقات الأسلحة مع الإمارات العربية المتحدة. وفقًا لإدارة بايدن، فإن الغرض من التجميد هو إعادة فحص صفقة الأسلحة التي تبلغ قيمتها ٥٠٠ مليون دولار مع المملكة العربية السعودية، والتي سبق التفاوض عليها في ظل إدارة ترامب. على مدار عدة مفاوضات، كان من المقرر أن تنفق السعودية حوالي ٤٧٨ مليون دولار على شراء ٧٥٠٠ قنبلة موجهة بدقة من طراز "بيفواي الرابعة" والمعروفة باسم "القنابل الذكية"، بالإضافة إلى ٩٧ مليون دولار أخرى لشراء أنظمة الاتصالات أمنية داخلية.
إن صفقة الأسلحة مع السعودية هي مسألة خلاف قديمة في الكونجرس، حيث سلط بعض المشرعين الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي يعتقد أن السعودية قد ارتكبتها ضمن حملتهما العسكرية التي استهدفت الميليشيات التابعة لإيران على الأراضي اليمينة، وتسببت في أزمة إنسانية نتجت عن قتل المدنيين بالخطأ وانتشار المجاعات. وقد حاول الكونجرس، في الماضي، منع صفقة أسلحة أمريكية لصالح السعودية، لكن الرئيس ترامب اعترض على موقف الكونجرس، وبررت إدارة ترامب إتمام الصفقة مع السعودية، بأن القنابل الأكثر دقة يمكن أن تستهدف المتمردين بشكل أكثر دقة وتتجنب إصابة المدنيين بالخطأ. ولكن، استخدمت السعودية بالفعل قنابل دقيقة التوجيه ولم يحدث انخفاض في عدد القتلى من المدنيين.
وفي حين أن إدارة بايدن لم تجمد مبيعات الأسلحة إلى الإمارات، فإن الإدارة الجديدة قد قررت مراجعة صفقة الأسلحة المستحقة للإمارات، والتي تم التفاوض عليها أثناء التوقيع على اتفاقيات أبراهام من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث كان من المقرر أن تتلقى الإمارات حزمة أسلحة بقيمة ٢٣ مليار دولار، تشمل طائرات مقاتلة من طراز أف-٣٥ المتطورة وطائرات مسيرة، يتم تسليمها على مدار عدة سنوات. والأن، لدى إدارة بايدن مخاوف مماثلة بشأن العمليات العسكرية الإماراتية في اليمن، رغم تأكيد وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية بأن الإمارات قد أنهت عملياتها العسكرية في اليمن منذ أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الحين تقدم الإمارات الدعم الإنساني للمواطنين هناك، على أمل انتهاء الحرب في أسرع وقت.
عادةً ما تقوم كل إدارة أمريكية جديدة بمراجعة المفاوضات التي تمت في ظل الإدارة السابقة، وقد تعهد بايدن، أثناء حملته الانتخابية، بوقف دعم أمريكا للحرب في اليمن إذا تم انتخابه. وبالفعل، اتخذ الرئيس الجديد للولايات المتحدة موقفًا أقوى بكثير ضد العمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، على عكس موقف إدارة ترامب. ومن ثم فإن إدارة بايدن تستهدف، من خلال تجميد صفقات الأسلحة مع السعودية ومراجعة صفقة الإمارات، ضمان عدم استخدام المزيد من الأسلحة الأمريكية الصنع في دعم التدخل العسكري في اليمن. ويدعم الكونجرس موقف الإدارة الأمريكية تماماً، حيث أرسل أعضاء ديمقراطيين في الكونجرس رسالة إلى وزير الخارجية الجديد بلينكن يحثون فيها إدارة بايدن على تجميد شحنات الأسلحة إلى السعودية واتخاذ خطوات أخرى، مثل الوسائل الدبلوماسية، لإنهاء العمليات العسكرية السعودية في اليمن.
بالنظر إلى المستقبل، سيكون من المهم مراقبة كيف ستتطور أو تتدهور العلاقات بين إدارة بايدن والدولتين الخليجيتين، السعودية والإمارات. في ظل إدارة ترامب، عززت الولايات المتحدة العلاقات مع السعودية، على الرغم من سجلها في حقوق الإنسان، وحادثة قتل الصحفي جمال خاشقجي، في ٢٠١٨. كما ازدهرت العلاقات الأمريكية مع دولة الإمارات، في ظل إدارة ترامب، أيضاً. ويمكن القول إن اتفاقيات إبراهيم كانت أعظم إنجاز للسياسية الخارجية لأمريكا في الشرق الأوسط. لكن مع إعلان إدارة بايدن قرارها بمراجعة صفقات الأسلحة مع البلدين، يبدو أن إدارة بايدن قد قررت الخروج على الاستراتيجية التي تبتنها إدارة ترامب في الشرق الأوسط. وسيتحدد مع الوقت أيضًا إذا ما كان لقرارات تجميد ومراجعة صفقات الأسلحة وإدانة العمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، أثر سلبي على العلاقات بين إدارة بايدن والدولتين الخليجيتين على المدى الطويل.
لكن هل يمكن أن تتأثر التحالفات الأمريكية الأخرى في المنطقة؟ من المرجح أن تظل إسرائيل شريكًا وثيقًا للولايات المتحدة، لكن العلاقات مع السعودية والإمارات يمكن أن تتغير، خاصة إذا استمرت إدارة بايدن في تناول موضوعات حقوق الإنسان والحرب في اليمن.
Comments